د/ محي حامد يكتب:وصايا إلى أحبة القلوب
ما أحوجنا اليوم أيُّها الأحبة الكرام بأن نتواصى بما يعيننا على أداء رسالتنا ومهمتنا التي خُلقنا من أجلها، في ظل طغيان المادة والشهوات
وغياب القيم والأخلاق،ولنعلم أيها الأحباب أننا أصحاب دعوة حق؛ لها من المبادئ والقيم والأخلاق التي تُؤثِّر في المجتمع ولا نتأثر بما يسود في المجتمع من ظواهر سلبية من ظواهر سلبية وعلل وأمراض؛ ولذا فإن النجاةَ لنا في طريق الاستقامة مصداقاً لقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (13) (الأحقاف)، ومصداقاً لقول رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "قل آمنت بالله ثم استقم" (أخرجه مسلم).
وأصل الاستقامة كما ذكر العلماء من ثلاثة (اتباع الكتاب، والسنة، ولزوم الجماعة)، وهذه الأمور الثلاثة تحتاج إلى عُدة أمور تُعين على ذلك تتمثل في الإخلاص والعلم وبذل الجهد واعتدال السلوك بين الإفراط والتفريط، كما أوضح لنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حيث قال: "سددوا وقاربوا واعلموا أنه لن ينجوا أحدٌ منكم بعمله، قالوا ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله برحمةٍ منه وفضل"، وفي ذلك يقول ابن القيم رضي الله عنه: "المطلوب من العبد الاستقامة، وهي السداد فإن لم يقدر عليها فالمقاربة، فإن نزل عنها: فالتفريط والإضاعة".
* فالاستقامة كلمة جامعة آخذة بمجامع الدين، وهي القيام بين يدي الله على حقيقة الصدق والوفاء، كما قال عمر بن الخطاب- رضي الله عنه-: "الاستقامة: أن تستقيم على الأمر والنهي ولا تروغ روغان الثعبان"، وقال الحسن بن علي- رضي الله عنهما-: "استقاموا على أمرِ الله فعملوا بطاعته، واجتنبوا معصيته"، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "استقاموا على محبته وعبوديته فلم يلتفتوا عنه يمينه ولا يسره"، وما أشمل وأجمل من قول الله تعالى: ﴿فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (112) (هود).
فبيَّن أن الاستقامةَ ضد الطغيان، وهي مجاوزة الحدود في كلِّ شيء، وعندما سُئل صديق الأمة أبو بكر الصديق- رضي الله عنه- عن الاستقامة؟ فقال: "أن لا تشرك بالله شيئًا"، وهذا مصداقاً لقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ﴾ (فصلت: من الآية 6).
* ومما ذُكر أيها الأحبة الكرام نستخلص أن الطريق إلى الاستقامة يستلزم عدة أمور أساسية لا غنى عنها منها:
أولاً: التوبة إلى الله عز وجل، والإنابة إليه، ودوام الاستغفار.
ثانيًا: الدعاء وطلب العون من الله "اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك"، "اللهم اغفر لي ما فات، واعصمني مما هو آت، وارزقني تقواك".
ثالثًا: تدبر آيات القرآن الكريم والوقوف على أوامره ونواهيه، فتذكر قول عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه-: "عندما أسمع قوله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ أقف مستعدًا لأمرٍ فأُنفِّذه، أو لنهي فأنتهي عنه".
رابعًا: التخلق بأخلاق النبي- صلى الله عليه وسلم- واتباع سنته مصداقًا لقول السيدة عائشة- رضي الله عنهما-: "كان النبي- صلى الله عليه وسلم- خُلقه القرآن، كان قرآنًا يمشي على الأرض".
خامسًا: الإخلاص والصدق في الأقوال والفعال والأحوال والنيات، وهذا يتطلب المراقبة والمحاسبة للنفس في دقائق الأمور صغيرها وكبيرها، فالرياء في الأعمال يخرجه عن الاستقامة، والفتور والتراخي يخرجه عنها أيضًا، ولا يحصل هذا إلا باليقظة الدائمة والتعهد المستمر لحال القلب.
سادسًا: الإكثار من الطاعات واجتناب المعاصي: "اللهم إنا نسألك فعل الخيرات وترك المنكرات.."، وكما يقول ابن القيم: "فكل الخير في اجتهادٍ باقتصاد، وإقران مقرون بالاتباع"، ويقول النبي- صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ لكل عملٍ شرة، ولكلِّ شرة فترة، فمَن كان فترته إلى سنته أفلح، ومن كانت فترته إلى بدعةٍ خاب وخسر".
سابعًا: لزوم الجماعة، والمراد به لزوم الحق وأهله ولو قلُّوا، لا لزوم أكثر الناس، هذا يتطلب بصيرة وعلم وعمل مع لزوم مجالسة الصالحين وأهل الحق والصلاح في إطارٍ من الحب في الله والعمل لدين الله.
ثامنًا: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بفقهٍ وعلمٍ واتباعٍ لسنة الحبيب المصطفى- صلى الله عليه وسلم- ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي﴾ (يوسف: 108).
ويقول المحاسبي- رضي الله عنه-: "وكُنْ قائلاً بالحق عاملاً به يزدك الله نورًا وبصيرةً، ولا تكن ممن يأمر به وينأى عنه فتبوء بإثمه وتتعرَّض لمقتِ الله"، ويقول النبي- صلى الله عليه وسلم-: "مَن وعِظ ولم يتعظ، وزُجِر ولم يزدجر، ونُهِى ولم ينتهِ فهو عند الله من الخائبين".
تاسعًا: البذل والإنفاق في سبيل الله بكل غالٍ وثمين مصداقًا لقوله تعالى: ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (92)، ويقول الشهيد سيد قطب رحمه الله (عندما أُعطي إنما آخذ)، فمَن أراد القُرب من الله فعليه بالتضحية والعطاء بكل ما يملك بصدقٍ وإخلاصٍ لله عز وجل.
عاشرًا: التحلي بالصبر، فالطريق إلى الله تحتاج إلى الصبر الجميل كما في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200) (آل عمران)، وكما في قوله ﴿وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ﴾ (البقرة: من الآية 155)، وفي ذلك يقول ابن القيم: "للصبر مراتب، أن تصبر أن تتعلم أمور دينك، وأن تصبر على أن تدعو بما علمت وعملت، وأن تصبر على أذى الناس".
أيها الإخوة الكرام: إن الطريق إلى النجاة لن يكون إلا بالاستقامة على أمر الله، ولن تتحقق فينا الاستقامة إلا باتخاذ الخطوات الموصلة إليها، ولن يكون ذلك إلا بحمل النفس على المكاره، فحُفت الجنة بالمكاره وحُفت النار بالشهوات، ولكن ينتظرنا أمر عظيم ينسينا شدة الطريق، يقول الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30)(فصلت)، يالها من عظيم البشرى! وياله من وعد صدق عند مليك مقتدر! فرجاؤنا في الله كبير، وثقتنا في الله ووعده عظيمة.
نسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن نكون من أهل الاستقامة على طريق الله، وأن نفوز بالشهادة في سبيله، وأن يرزقنا نعيم الجنة والنظر إلى وجهه الكريم.. اللهم آمين. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وأصل الاستقامة كما ذكر العلماء من ثلاثة (اتباع الكتاب، والسنة، ولزوم الجماعة)، وهذه الأمور الثلاثة تحتاج إلى عُدة أمور تُعين على ذلك تتمثل في الإخلاص والعلم وبذل الجهد واعتدال السلوك بين الإفراط والتفريط، كما أوضح لنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حيث قال: "سددوا وقاربوا واعلموا أنه لن ينجوا أحدٌ منكم بعمله، قالوا ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله برحمةٍ منه وفضل"، وفي ذلك يقول ابن القيم رضي الله عنه: "المطلوب من العبد الاستقامة، وهي السداد فإن لم يقدر عليها فالمقاربة، فإن نزل عنها: فالتفريط والإضاعة".
* فالاستقامة كلمة جامعة آخذة بمجامع الدين، وهي القيام بين يدي الله على حقيقة الصدق والوفاء، كما قال عمر بن الخطاب- رضي الله عنه-: "الاستقامة: أن تستقيم على الأمر والنهي ولا تروغ روغان الثعبان"، وقال الحسن بن علي- رضي الله عنهما-: "استقاموا على أمرِ الله فعملوا بطاعته، واجتنبوا معصيته"، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "استقاموا على محبته وعبوديته فلم يلتفتوا عنه يمينه ولا يسره"، وما أشمل وأجمل من قول الله تعالى: ﴿فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (112) (هود).
فبيَّن أن الاستقامةَ ضد الطغيان، وهي مجاوزة الحدود في كلِّ شيء، وعندما سُئل صديق الأمة أبو بكر الصديق- رضي الله عنه- عن الاستقامة؟ فقال: "أن لا تشرك بالله شيئًا"، وهذا مصداقاً لقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ﴾ (فصلت: من الآية 6).
* ومما ذُكر أيها الأحبة الكرام نستخلص أن الطريق إلى الاستقامة يستلزم عدة أمور أساسية لا غنى عنها منها:
أولاً: التوبة إلى الله عز وجل، والإنابة إليه، ودوام الاستغفار.
ثانيًا: الدعاء وطلب العون من الله "اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك"، "اللهم اغفر لي ما فات، واعصمني مما هو آت، وارزقني تقواك".
ثالثًا: تدبر آيات القرآن الكريم والوقوف على أوامره ونواهيه، فتذكر قول عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه-: "عندما أسمع قوله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ أقف مستعدًا لأمرٍ فأُنفِّذه، أو لنهي فأنتهي عنه".
رابعًا: التخلق بأخلاق النبي- صلى الله عليه وسلم- واتباع سنته مصداقًا لقول السيدة عائشة- رضي الله عنهما-: "كان النبي- صلى الله عليه وسلم- خُلقه القرآن، كان قرآنًا يمشي على الأرض".
خامسًا: الإخلاص والصدق في الأقوال والفعال والأحوال والنيات، وهذا يتطلب المراقبة والمحاسبة للنفس في دقائق الأمور صغيرها وكبيرها، فالرياء في الأعمال يخرجه عن الاستقامة، والفتور والتراخي يخرجه عنها أيضًا، ولا يحصل هذا إلا باليقظة الدائمة والتعهد المستمر لحال القلب.
سادسًا: الإكثار من الطاعات واجتناب المعاصي: "اللهم إنا نسألك فعل الخيرات وترك المنكرات.."، وكما يقول ابن القيم: "فكل الخير في اجتهادٍ باقتصاد، وإقران مقرون بالاتباع"، ويقول النبي- صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ لكل عملٍ شرة، ولكلِّ شرة فترة، فمَن كان فترته إلى سنته أفلح، ومن كانت فترته إلى بدعةٍ خاب وخسر".
سابعًا: لزوم الجماعة، والمراد به لزوم الحق وأهله ولو قلُّوا، لا لزوم أكثر الناس، هذا يتطلب بصيرة وعلم وعمل مع لزوم مجالسة الصالحين وأهل الحق والصلاح في إطارٍ من الحب في الله والعمل لدين الله.
ثامنًا: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بفقهٍ وعلمٍ واتباعٍ لسنة الحبيب المصطفى- صلى الله عليه وسلم- ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي﴾ (يوسف: 108).
ويقول المحاسبي- رضي الله عنه-: "وكُنْ قائلاً بالحق عاملاً به يزدك الله نورًا وبصيرةً، ولا تكن ممن يأمر به وينأى عنه فتبوء بإثمه وتتعرَّض لمقتِ الله"، ويقول النبي- صلى الله عليه وسلم-: "مَن وعِظ ولم يتعظ، وزُجِر ولم يزدجر، ونُهِى ولم ينتهِ فهو عند الله من الخائبين".
تاسعًا: البذل والإنفاق في سبيل الله بكل غالٍ وثمين مصداقًا لقوله تعالى: ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (92)، ويقول الشهيد سيد قطب رحمه الله (عندما أُعطي إنما آخذ)، فمَن أراد القُرب من الله فعليه بالتضحية والعطاء بكل ما يملك بصدقٍ وإخلاصٍ لله عز وجل.
عاشرًا: التحلي بالصبر، فالطريق إلى الله تحتاج إلى الصبر الجميل كما في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200) (آل عمران)، وكما في قوله ﴿وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ﴾ (البقرة: من الآية 155)، وفي ذلك يقول ابن القيم: "للصبر مراتب، أن تصبر أن تتعلم أمور دينك، وأن تصبر على أن تدعو بما علمت وعملت، وأن تصبر على أذى الناس".
أيها الإخوة الكرام: إن الطريق إلى النجاة لن يكون إلا بالاستقامة على أمر الله، ولن تتحقق فينا الاستقامة إلا باتخاذ الخطوات الموصلة إليها، ولن يكون ذلك إلا بحمل النفس على المكاره، فحُفت الجنة بالمكاره وحُفت النار بالشهوات، ولكن ينتظرنا أمر عظيم ينسينا شدة الطريق، يقول الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30)(فصلت)، يالها من عظيم البشرى! وياله من وعد صدق عند مليك مقتدر! فرجاؤنا في الله كبير، وثقتنا في الله ووعده عظيمة.
نسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن نكون من أهل الاستقامة على طريق الله، وأن نفوز بالشهادة في سبيله، وأن يرزقنا نعيم الجنة والنظر إلى وجهه الكريم.. اللهم آمين. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.