١٧‏/٠٣‏/٢٠٠٨

أين همتنا.......؟


المتأمل للواقع الذي نعيش فيه يرى أناساً بلا عزيمة ولا إرادة، وللأسف الشديد وجدت الكثير الكثير من الناس وخصوصاً الشباب ليس لديهم الرغبة أصلاً في تغيير وضعهم الحالي أو يندبون وضعهم الحالي ولا توجد لديهم العزيمة التي تدفعهم لهذا التغيير، وإن وجد من يحاول التغيير من نفسه وسلك الطريق تراه يقف في وسط الطريق حائراً لا يدري ماذا يفعل، وقد يبدأ في إقناع نفسه بالفشل وعدم الفائدة مما يفعل ويستسلم لليأس.
ولهذا كان تسائلي.. أين ذهبت همتنا..؟، وأين ضاعت عزيمتنا..؟

نحن أمة لا تعرف اليأس والإحباط أبداً، ولايعرف الكسل والخمول لنا طريقاً لأننا نحمل أعظم رسالة عرفتها البشرية وهي الإسلام، وأعظم منهاج عرفه التاريخ وهو منهاج هذه الدعوة المباركة، على خير طريق وهو طريق الأنبياء والمرسلين، نعم نريد أن تكون أرجلنا في الثرى وهمتنا في الثريا، نريد أن تكون لأقدامنا أثارها على الطريق نريد أن ننتشر بين الناس ونبين لهم ما غفلوا عنه وندلهم على طريق الحق نريد أن يكون لنا بصمة في كل شبر على هذه الأرض،

نعم نريد هذه الهمة العالية والإرادة القوية مع الثقة واليقين في الله عز وجل.
إذا هبت رياحك فاغتنمها *** فإن الخافقات لها سكون
وإن ولدت نياقك فاحتلبها *** فلا تدري الفصيل لمن يكون

*قال الشيخ عبدالقادر الجيلاني لغلامه:
"ياغلام: لا يكن همك ما تأكل وما تشرب وما تلبس وما تنكح وما تسكن وما تجمع كل هذا هم النفس والطبع، فأين هم القلب..؟، همك ما أهمك، فليكن همك ربك عز وجل وما عنده"

نعم نريد أن يكون همنا كل همنا هو الله عز وجل وكل ما بعد ذلك هين.
قال حكيم من الحكماء:
"لما كنت حدثاً كنت أتصور أن الرعد هو الذي يقتل الناس، فلما كبرت علمت أن البرق هو الذي يقتل، ولهذا عزمت من ذلك الحين على أن أقل من من الإرعاد وأكثر من الإبراق"
وكان لصديق لي قصة حيث تعرض لإبتلائين كان أولهما أشد وقعاً عليه من ثانيهما ولكن كانت نفسه مطمئنة مليئة بالثقة واليقين في الله عز وجل،وبالثبات والتضحية من أجل هذه الدعوة المباركة وبعد مرور الوقت بدأ اليأس يتسرب إلى قلبه وبدأ يفقد السيطرة على مشاعره، ولكن جاءته تذكرة ورسالة سريعة وشديدة اللهجة سمعها من شريط لم يكن يسمعه أصلاً ولكن وقعت يده عليه وفتحه وإذا به يسمع الشيخ يقول:
ياضعيف العزم ويادنيئ الهمة

أين أنت..؟، أين أنت..؟

لا تستطل الطريق، الطريق طويل، طريق تعب فيه آدم، وناح لأجله نوح، وألقي في النار الخليل، وأفجع للذبح إسماعيل، وبيع يوسف بثمن بخس ولبس في السجن بضع سنين، ونشر بالمنشار زكريا، وذبح السيد الحصور يحيي، وقاسى الضر أيوب، وزاد بكاء داوود، وعالج الأذى محمد صلى الله عليه وسلم،

ولكنكم قوم تستعجلون.. ولكنكم قوم تستعجلون..
عندها سأل نفسه.. لماذا اليأس؟ ولماذا القنوط؟، نعم هذا هو الطريق الذي أخترته هذا أعظم الطرق وأفضلها وأشرفها ، وبدأ يتسائل ما الذي فعلته أنا؟ وما الذي قدمته على الطريق الذي أظن أنه قد طال ولن ينتهي؟، هؤلاء الأنبياء والمرسلين ومن بعدهم الصحابة الكرام قد ضحوا وبذلوا وأعطوا لذلك أثمر الطريق وجاء التمكين.
ويقول الأستاذ المودودي رحمه الله تعالى:" إنه من الواجب أن تكون في قلوبكم نار متقدة تكون في ضرامها -على الأقل- مثل النار التي تتقد في قلب أحدكم عندما يجد ابناً مريضاً ولا تدعه حتي تجره إلى الطبيب، أو عندما لا يجد في بيته شيئاً يسد به رمق حياة أولاده فتقلقه وتضطره إلى بذل الجهد والسعي، إنه من الواجب أن تكون في صدوركم عاطفة صادقة تشغلكم في كل حين من أحيانكم بالسعي في سبيل غايتكم، وتعمر قلوبكم بالطمأنينة، وتكسب لعقولكم الإخلاص والتجرد، وتستقطب عليها جهودكم وأفكاركم بحيث إن شؤونكم الشخصية وقضاياكم العائلية إذا إسترعت اهتمامكم فلا تلتفتون إليها إلا مكرهين، وعليكم بالسعي ألا تنفقوا لمصالحكم وشؤونكم الشخصية إلا أقل ما يمكن من أوقاتكم وجهودكم، فتكون معظمها منصرفة لما اتخذتم لأنفسكم من الغاية في الحياة، وهذه العاطفة ما لم تكن راسخة في أذهانكم ملتحمة مع أرواحكم ودمائكم، آخذة عليكم ألبابكم وأفكاركم، فإنكم لا تقدرون أن تحركوا ساكناً بمجرد أقوالكم، والحقيقة أن الإنسان إذا كان قلبه مربوطاً بغايته، وفكره متطلعاً إليها، فإنه لا يحتاج إلى تحريض أو دفع...، واسمحوا أن أقول لكم: إنكم إذا خطوتم على طريق هذه الدعوة بعاطفة أبرد من تلك العاطفة القلبية التي تجدونها في قلوبكم نحو أزواجكم وأبنائكم وأمهاتكم فإنكم لابد وأن تبوؤوا بالفشل الذريع" .

وأقول لك أخي الحبيب: لابد أن تكون رؤيتك لهدفك أو غايتك واضحة أمام عينيك وتجرى منك مجرى الدم في العروق، وتكون رؤيتك هذه تشغلك في كل وقت وحين، وتتصدر قائمة إهتماماتك وشئونك الحياتية لكي تصل إلى غايتك المنشودة، فما بالك لو كانت غايتك هو الله عز وجل...، فعليك بتحديد غايتك ولا تتكاسل ولاتسوف ولاتجعل الله أهون الناظرين إليك ولا تجعل غيرها يتخطاها ويشغل بالك أكثر منها، فإن النفس إذا رسمت طريق ما أو حددت غاية ما سوف تسلك له كل الطرق، وتفرض الفروض، وتبحث عن جميع الوسائل، وتستخدم كل الإمكانيات للوصول إلى هذا الهدف، ومن هنا فعليك بترتيب أولوياتك (الأهم فالمهم)، والقيام ببعض الخطوات الإيجابية لكي تتضح لك الرؤية..

وليكن شعارنا دائماً مهما كانت الظروف ومهما كانت النتائج شعار المصطفى صلى الله عليه وسلم

(لا تحزن إن الله معنا).

أمير القلوب

٠٩‏/٠٣‏/٢٠٠٨

إعتذار وشكر وعتاب

أولاً: أود أن أعتذر إلى كل من تواصل معي وتابع المدونة ولم أتمكن من التواصل معه أو متابعة تعليقاته والرد عليها وأعتذر أيضاً عن هذا الإنقطاع ولكن كان هذا لظروف خارجه عن إرادتي .
ثانيا: كان من الواجب أن أتقدم بالشكر والعرفان والإمتنان إلى كل أخ أو أخت تواصلوا معي عبر بريدي الإليكتروني وكانوا دائما ً في سؤال عني وعن سبب غيابي وإنقطاعي عن التدوين الفترة الماضية وهؤلاء لهم كل التقدير والإحترام.
ثالثاً: لي عتاب على من كان دائماً في متابعة للمدونة ولم يكلف نفسه بالسؤال عن أخيه وعن سبب غيابه.
حياكم الله جميعاً
ودمتم بألف خير
أمير القلوب