١٤‏/٠٨‏/٢٠٠٧

أين الأمن..؟ وأين الأمان..؟


بعد طول إنتظار وغيبة خارج مصرنا الحبيبة عدنا من الخارج كان أبي في رحلة عمل أو رحلة جمع الأموال التي يحلم بها جميع المصريين كنا لا نرى مصر إلا في الأجازات، كنا في بلد أوروبية عشنا فيها أيام الطفولة بمراحلها، وفترة الشباب بإنطلاقها، وتلقينا العلم هناك على أيدى معلمون غربيون ومصريون أدين لهم بالفضل، ومارسنا جميع الأنشطة هناك سواء كانت رياضية أم إقتصادية أم سياسية بحرية تامة وبدون أدنى إعتراض أو تصادم مع الحكومة أو النظام هناك مهما كانت رؤيتنا أو رأينا مخالف أو معارض لسياسة هذه الحكومة..،بل على العكس كنا نرى تشجيعاً منها على الإستمرار والتمسك برؤيتنا وآرائنا من خلال التعبير عنها بحرية تامة وفي إطارها السلمى .، وكثيراً جداً رضخت الحكومة لمتطلباتنا وآرائنا.، رغم أننا لسنا في وطننا الأصلي، كنا نحلم دائما بالرجوع إلى الوطن والإستقرار فيه، وفعلاً جاءت لحظة إتخاذ القرار بالعودة إلى الوطن كانت هذه اللحظة هى أسعد لحظات حياتي، وما أن بدأنا في تسوية الأمور الخاصة بالسفر ، عندها سمعنا خبر أن مجموعة من رجال الأعمال المصريين الشرفاء والذين نعرف بعضهم جيداً وتربطنا بهم علاقة صداقة قوية قد قبض عليهم وتم التحفظ على جميع أموالهم وممتلكاتهم وإحالتهم إلى محكمة عسكرية، عندها سألت نفسي ما المصيبة التى فعلوها ليحدث لهم ما حدث..؟ فأنا أعرفهم جيداً مثالاً للإحترام والتقدير من جميع من يعرفونهم وعلى صلة بهم وأنهم على قدر من التدين والإلتزام ..، عندها قاطع صوت أبي تفكيري وهو يحكي لوالدتي ما حدث ثم كانت المفاجئة التى لم أكن أتوقعها أنه قبض عليهم لأنهم أعضاء بجماعة الإخوان المسلمين (المحظورة) ويعارضون سياسة النظام ويعملون على إصلاح البلد وينشرون الخير بين الناس.... {عندها عجز عقلي عن التفكير وإستيعاب الموقف وقلت هل هذه تهم توجه إليهم أم أنها أوسمه تعلق على صدورهم}.، نحن لاننتمى إلى أي تيار سياسي ولكن نعلم علم اليقين أن جماعة الأخوان المسلمين من التيارات المعتدلة على مستوى العالم وليس في مصر فقط و كون إدعائهم أنها محظورة فمن حظر نشاطها وتحت أي مسمى أو قانون يحظر نشاطها وكيف تكون محظورة ولها مايزيد عن ثمانون عضواً بمجلس الشعب ولها شعبيتها الكثيفة بين الناس وكون أنها تعارض سياسة النظام فنحن لا نرى للنظام سياسة أصلاً إلا سياسة البلطجة والظلم والقهر والفقر والجوع والعطش حتى هنا في الغرب يعرفون ذلك جيداً ..، عندها أصر والدي على أن نسرع في إجراءات السفر حتى نعود في أسرع وقت ، في تلك اللحظة شعرت أنا أيضاً لابد وأن أعود إلى وطني وعند وصولنا إلى مطار القاهرة الدولي وجدت يافطة عريضة في مدخل المطار مكتوب عليها قول الله تعالى: {ادخلوا مصر إن شاء الله ءامنين} قلت عندها أين الأمن..؟ وأين الأمان..؟ في ظل هذا النظام الظالم وكيف يأمن الفرد على نفسه وأمواله إن كان رأيه معارضاً لهذا النظام ، هذا إن كان النظام بيده الرعاية والحفظ والضر والنفع، أما وهذه الأشياء فبيد مالك الملك وهو القادر الحافظ المعز المذل الذي يرعانا جميعاً وأنه جعل الأمن في مصر بمشيئته وليس بمشيئة النظام فنحن متوكلون عليه وسائرون على هدى رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم وعندها زاد إصراري على الإستقرار في مصر، وأن أشارك أهلي وشباب بلدي همومهم ومشاكلهم وأن نعمل سوياً على إيجاد الحلول المناسبة لهذه المشاكل وأن نبدأ في بناء مستقبلنا ومستقبل أبنائنا (إن كنت معك أن مستقبلنا نحن سوف يكون محدد المعالم ومحدد النجاحات).، ولكن فلبندأ ولنبحث عن مستقبل أبنائنا هنا تحت كل حجر وفي كل فرصة تتاح لنا فوق رمال وطننا الحبيب ومهما قابلنا من مشاكل فلنواجهها نحن بصدر رحب وعزيمة قوية إن كنا نريد لأبنائنا أن يعيشوا حياة طيبة في رخاء وإستقرار.،وإن كنا نحن حريصين على مستقبلهم ونخاف عليهم ونريد لهم مستقبلاً أفضل، أما إن تركناهم على هذه الأوضاع فسيكونوا في فقر أشد من فقرنا وقهر أشد من قهرنا وسيكونون هم من يصنعون مستقبلهم بإيديهم وعندها سيعرفون جيداً أننا نحن من فرطنا في حقوقهم وأوصلناهم إلى هذه الدرجة من الفقر وعند ذلك سيسخطون كل السخط علينا.، وبدأت أنا فعلاً في الإتصال ومخاطبة ومراسلة جميع أقاربنا وأصدقائنا ومعارفنا في الخارج وبدأت أوضح لهم حال البلد وما آلت إليه الأوضاع هنا وأن من حق البلد التي نشئوا وتربوا فيها أن يقفوا إلى جانبها في محنتها التى تمر بها وأن يعودوا لبناء مستقبل أبنائهم في وطنهم بدلاً من أن يبنوه على أرض غريبة غير أرضهم ويشربون ماءاً غريبة غير مياههم التى دائماً كانت تروي عطشهم.، وكانت المفاجئة في ردودهم علىّ فقد وجدت ترحيباً شديداً بالفكرة والإصرار منهم على العودة إلى الوطن والإستقرار فيه ومنهم فعلاً الكثير الذين وصلوا إلى مصر ونحن الآن بصدد التفكير ووضع الإستراتيجيات التى سنعمل بها في الفترة القادمة في نشر القضية والتعريف بها لكل من نعرف سواء في الوطن العربي أو في الغرب.
نقلاً عن صديقي:
المصري

ليست هناك تعليقات: